أميرة علي تكتب: إنت تبع مين يا... "وطن" ؟!

حوار متخيل بين شخصيتين لاحدى الروايات المستقبلية

- صحيح يا عم "وطن"، إنت عمرك ما قولتلي إنت بتتنتمي او بتأيد مين..!

"وطن" ضاحكا:

-انت نسيت إني "وطن" و لازم اكون إسم علي مسمي!

-؟؟؟؟

- عليك ان تدرك حقيقة مهمة جدا، ألا وهي إن جميع المؤسسات و الاحزاب و الانتماءات و حتي كتلة " اللامنتمون" تحوي في طياتها العديد من الشخصيات و الافكار المختلفة و الاهم إنها تحوي الصالح و الطالح. فلا يجوز ان نعمم كره او حب مؤسسة او اتجاه بنسبة مئة بالمئة.

- و لكن من الطبيعي ان تجد لكل إتجاه مؤيدون لا يقبلون غيره.

- اولا، هذا غير طبيعي. صحيح، إنه  يحدث للاسف ولكن وقوع الحدث لا يعني بالضرورة صحته.

- و ثانيا؟

- ثانيا، دعينا نعترف باننا شعب اصبح لا يسعي الي وطن يجمع بل الي دويلات تفرق.

- و ما الحل من وجهة نظرك؟

- الحل بسيط و هو تقبل الاختلاف و تعلم كيفية نقد من تؤيد قبل نقد معارضه، و ايضا ندرك أن المعارض ليس بهدام و المختلف في الرأي لا يكره بلده او يختلف معي في الهدف، فقد يكون الهدف واحد و لكن تتعدد وسائل بلوغه.

- و في بعض الأحيان قد تكون جميع السبل ناجحة بالفعل و لكننا لا نري ذلك إما تحجرا في الرأي و العند من اجل العند او تكبرا.

- صحيح، ايضا علينا ان ندرك ان التطرف لا يؤدي سوي الي مزيد من التطرف. و لا ينبغي أن نتبع أحد او نوليه ولاء تام و كأن كل ما يقوله او يفعله يدخل في نطاق التقديس او الألوهية.

ثم استدرك:

- و التطرف بالتحديد اكثر ما يهدد أي كيان، لانه يؤدي الي بتر و استئصال المعارض. فالوطن مثله مثل الجسد.

-؟؟؟؟

علت ضحكات "وطن" ثم قال:

- يحيا جسد الانسان بعد بتر احد الاطراف و لكنه يفقد جزءا من قدراته و بتكرار البتر يزيد فقدان القدرات و دعينا ندعي ان البترهو( إقصاء المعارض)، اما الاستئصال فهو عادة ما يكون للأعضاء الداخلية و ايضا يؤدي الي ضعف القدرات و لكن له ضوابطه فمثلا لا يمكن استئصال المخ او كلتا الكليتين (علي حد علمي) و تظل مشكلة الكفاءة قائمة في جميع الاحوال، و دعينا نعتبر الاستئصال هو (القضاء علي المعارضة).

غمز "وطن" لجارته الشابة و قال :

- خلاصة كل ما قيل، انا "وطن" و الوطن ليس لديه إنتماء واحد بل هو منبع الانتماءات و لا يصح ان يكون لي إنتماء واحد او موقف راسخ يضحض كل ما يغايره لإني بذلك سأضطر الي قتل و إقصاء عدة أطراف لأبقي علي طرف واحد و بالتالي أفقد قوتي و أزيد أعدائي و تكون نهايتي المحتومة هي الفناء الدموي البطيء... لذا فأنا لست إنتماء بل إنتماءات.

- بس مين يفهم يا عم... "وطن"!!

يا ترى متي و من يفهم و الاهم يسعي بالفعل لأنقاذ... "وطن"