إسحاق شهدي يكتب: بوليكاتا
تلك هي الكلمة التي زعم أحمد مكّي و هو مجسّدا شخصيّة الكوميدي "حزلقوم" في فيلم "لا تراجع ولا استسلام" أنّها كلمة يونانيّة تعنّي "إنّي جائع".
و هي أيضا الكلمة التّي يصرخ بها يوميّا الملايين من هؤلاء الشباب بحثا عن التواصل العميق و العلاقات المشبعة لـ احتياج الحب و الأمان و الانتماء و الانجاز و كل ما هو نفسي و انساني. يصرخون بها مرددين إيّاها في كل ضغطة علي الـ keyboard الخاص بأجهزتهم الحديثة ليشاهدون ما يظنّونه طعاما مشبعا، بعدما ظنّوا أن "كرسي المكتب" أو "السايبر" أو "الموبايل" أو "التليفزيون" هوّ إنسانا خلق ليدخل معهم في علاقة. أو ليدخلهم في علاقات!
"بوليكلتا" تقولها و أنت في قمّة شعورك بـ الاحتياج للحب. لكن بالطبع ليس ما تبحث عنه موجودا هناك مع تلك الأجهزة الصمّاء. التّي لا تستطيع أن تقدّم لفقيرا سوي صورا متحرّكة لأفخر الأطعمة مع "الشيف شربيني"، و أيضا لا تستطيع أن تقدّم لك في بحثك عن فتاة تحبّك سوي فيلم "تيمور و شفيقة" ، و لا عن صديقا يخلص لك سوي فيلم "سلام يا صاحبي".
"بوليكاتا" تقولها و أنت في قمّة شعورك بالاحتياج للشعور بـ النموّ و الانجاز و تحقيق الذات، حينما تنشئ صفحة علي Facebook
لا تقدّم فيها سوي كلام ديني، أو نكات، أو حتّي شئ ذا قيمة بالنسبة للناس. بينما في داخلك انسانا يصرخ: كيف لي أن أصير ناجحا؟!. لقد نجحت في لم عدد من الـ Likes .. ، لكن، أين أنا؟ من أنا؟!. ميادين الصراع الحقيقيّة و الحياة الناجحة موجودة في المصنع و الورشة و ملاعب التدريب و قاعات الموسيقي و مراكز الكورسات و مواقع العمل و الشركات و الكتب الدراسية و المواد الثقيلة العسرة الفهم، و ليس هنا!
"بوليكاتا" تقولها حينما تدمن أي شئ. حينما تدمن حتّي الدين!. فـ كل ما هو إدماني شئ نفسي بحت لا طاقة لـ فاهم به. هو وهم لا يرحم من يظل قنوعا بـ ظنونه و تبريراته و دفاعاته علي الاستمرار فيه. و هو وحدة المتضرر.
"بوليكاتا" تقولها حين تغرق في الكتب ، ظانّا أن بها طريقة لتغيير حياتك. بينما أنت لا تحتاج سوي أن تقبلها أوّلا ، ثمّ يساعدك التغيير علي مزيدا من القبول و الثقة. تقولها أيضا في ظنّك أن في العقل شبعا لكل جوانب شخصيّتك. و تنسي أنّ لك روحا.
"بوليكاتا" تظّل صرخة ، خرجت منك بالكوميدي أو بالتراجيدي ، أو حتّي بالغضب و الصرخات أمام جميع الناس حتّي يشفق أحد عليك و يمنحك شيئا من الحب. لتبّل به ريقا يشتاق إلي زجاجة مياه كاملة. حتّي تدرك أن بك روحا تشتاق لخالقا يتعامل مع واقعها ليـرفعها إلي المستوي الأسمي من الإنسانية. و هو التمتّع بحبه. تذوب عشقا في مناجاته ، و تشبع بـ سكيب حبّه في قلوب من يطلبه.
"بوليكاتا" إن لم تدرك لماذا تقولها، و تقكّر و تبحث جيّدا عن كيفيّة اشباع نفسك، و كيفيّة التعبير أوّلا عن الاحتياجات الانسانية التّي فيك بـ كلمات صريحة تقودك لإشباعها في طرقها الصحيحة، ستظلّ ظالما لنفسك. و ستظل تئن مكتئبا من وقت لآخر. متلقيّا نفس رد السيدة التي نظرت إلي حزلقوم في دهشة قائلة:
"عايز ايه يالا" !!
إسحاق شهدي يكتب: بوليكاتا
Reviewed by Unknown
on
4:50 ص
Rating:

مقال رائع ربنا يوفقك
ردحذف