غير شكل الموقع

Full Width Boxed

خلفية الموقع

لون الموقع

Top Ad unit 728 × 90

أخر الأخبار

إسحاق شهدي يكتب: سوف تلهو بنا الحياة




- " ... سوف تلهو بنا الحياة و تسخر ،
فتعالي أحبك الآن أكثر ... " 

هكذا غنّت أم كلثوم في إحدي مقطوعات رائعتها الشهيرة " هذه ليلتي ". 
و هي  من كلمات الشاعر المُبدع "جورج جرداق". اللبناني الراحل عن دُنيانا في السادس من نوفمبر من العام الماضي. 

- هل تشعر أحيانا أنّ الحياةِ تلهو بك ؟ .. 

و وقتما تلهو .. ماذا تفعل لتواجهها ؟

هل تهرب ؟ تجلس أمام شاشة التليفزيون أو علي الانترنت أو تخرج من بيتك منهمكًا في العمل من الصباح الباكر و لا تعود إلّا علي النوم  -الذي عادة ما يأتِ بصعوبة من كثرة التفكير- ؟
هل تكتئب ؟ تجلس مُنفَرِدا وحيدا ، غارقًا في الأفكار ، قَلِقًا بشأن الغد نائحًا علي الأمس مُضيّعًا اليوم ! 

أم لديك طريقة أُخري لتُواجه بها الحياة بـ قوّة ؟ 

- الآن تتردّد في آذاننا الأغنية ، مُعلنةً بالفن عن أقوي الطُرق لمواجهة لهو الحياة، حينما نسمع الست تُطربنا قائلةً : فتعالي .. تعالي أحبُّكِ الآنَ أكثَر .

نعم، " بالحب، نواجه الحياة " . 

بالحب نلهو نحن بها ، و بالحب لا نجعل من لهوها و عبث ما تُقدّمهُ لنا في الكثير من الأوقات شيئا مُؤثّرًا علي قلوبنا . 

و إن أردنا كلامًا عمليّا ، يخرج عن النطاق الفلسفي إلي النطاق الحياتي ، دعنا نطرحُ نوعين من الحُب لا غِني لأي إنسان يريد أن يحيا سعيدًا عنهما : 

- الأوّل هو حب الآخرين  و هو ليس أن تُحب  الآخر فحسب، بل أن تستقبل منه الحبَ أيضا . 
حُبّا يكسر الوحدة بفراغها ، و يُساند العقل في حيرته . يُريح النفس في ضيقها، و يشد من عزيمتها في انكسارها . حبًا يحتضن القلب بالقلب ، بمُواجدة و تعاطف و قَبولً . حبًا عمليًا  يقدّم المُساعدة، و الكلمة المُشجّعة و الوقت و الاحتواء، و ليس الهدايّا فحسب . 
حبًّا يمنح الآخر فيه نفسه .. وجوده ، لك . قبل أن يمنحك شيئا من وقته أو كلماته . 

- أمّا الثاني، فهو " حب النفس " . أو " قَبولِها " . 
و مَن يحب نفسه بـ اتّزان و يقبلها، من السهل أن يعتمد عليها . و يري في نفسه شخصًا أهلًا للثقة. أمّا من لا يقبل نفسه، هو دائم الشعور بأنّه "غير كافٍ" . دائما ما يحتاج لمَن يمنحه القُبول حتّي يشعر بالإكتمال و الكفاية.
من يقبل نفسه، يشعر بالاستمتاع بقضاء بعض أوقاتٍ معها . و من لا يقبلها، تصبح أقلُّ أوقات الوحدة لديه جحيم آخر ! 
من يقبل نفسه، يُجيد التعامل مع الانتقادات، فلا يهتز مع أي كلمات ناقدة، بل يُعقلها أوّلا . فهو لا يميل إلي ثقافة لوم النفس و جلد الذات و الإتيان بالملامة الدائمة عليها في أي وقت علي أي شئ . 
و هو أيضا يُجيد التعامل مع أخطاؤه ، فلا يجد حرجا من أي يعتذر . فقبوله لنفسه يمنحه الشجاعة الكافية لمواجهتها بأخطائها، و احترامه لها يجعل اعترافه بالخطأ شئ غير مُخجِل، بل واجب و شرف. 

- مُواجهة الحياة اللاهية بنا، تحتاج منّا إلي "الحب" ، و هوَ ذلك الإتّزان بين محبة النفس و الآخر. 

مواجهة الحياة، تحتاج ألّا نترك أنفسنا تسير في الطريق وحدها. ينبغي أن ندعمها و نقبلها و نشجعها ..  نقبلها دائما، و ينبغي أيضا أن نستقبل الحب و الدعم من أصدقائنا المخلصين. 
 نكُون لأنفسنا أصدقاء أوّلا، و نستمتع بصداقة آخرين في نطاق مماثل. 

- كي نواجه الحياة،
ليغنّ كلّ منّا بكلمات المُبدع جورج جرداق، إلي أحبّته. و إلي نفسه أيضا : 

سوف تلهو بنا الحياة ، و تسخر 
فتعالي .. أحبُّكَ الآن أكثر ..

فلنُغنّيها أيضًا في أوقات اختلافنا، و في خريف علاقاتنا قبل ربيعها . 
فليس لنا في هذه الحياة سوي الحب . 

فلنحب الآن و دائما .. فكل وقتٍ يُدعي الآن،   
فلنُحبُّ كثيرًا، و يوجد لكل كثيرٍ أكثر .
إسحاق شهدي يكتب: سوف تلهو بنا الحياة Reviewed by Unknown on 11:29 ص Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لـ شبكة ميكروفون الإخبارية © 2016
تَعديل وتَطّويِر | عُمَر الشَرّنُوبْي,

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.